محمد الطيب
عدد المساهمات : 3 تاريخ التسجيل : 10/02/2014
| موضوع: الوصية ـ قصة واقعية الثلاثاء فبراير 11, 2014 11:04 pm | |
|
الوصية
تسللت فجأة يد المنية لوالد صهيب وهو في ريعانه .
الفقيد لم يتجاوز عتبة العقد الرابع من عمره .
بعد الوفاة الشبيهة بالصاعقة ، استتب الأمر للفتى الغض ، واستبد بتسيير شؤون البيت .
ساقه البذخ والترف إلى حياة اللهو والمجون ، فاتخذ بطانة سوء ، وهام على وجهه لا يلوي على احد ..
أمه تراقب تصرفه بانزعاج ، وتتحسر..
لم تعد تستأمنه على نفسها ، كما تخشى منه على ابنتها وكل أهلها هددها مرارا كما هدد فاطمة . غدا في وقت وجيز شرسا لا يطاق . . تآمر يوما مع بعض خلانه. فأصيب إصابات بليغة برأسه ووجهه وكل أطرافه . حمل إلى المستشفى فاقد الوعي ، دماؤه تنزف..
إنه في حالة حرجة . لا تمكن الآن رؤيته إلا من وراء ستار..
وفي اليوم الثاني أكد الطبيب أن الجريح لا زال فاقدا لوعيه .ولن يبت في نوع العلاج حتى يسترجع وعيه . .
أمه تلازمه ليل نهار ، تحصي أنفاسه ،
إنها كثيرا ما تلاحظ اضطراب المسعفات ، وسريان أجواء التعبئة بين الأطباء ، لما تنبعث من إحدى الآلات القريبة إشارات ذات لون أحمر مزعج ومهدد .
وفي الليلة الثانية بعد العشرين ، مكثت مع الأم أختها الصغرى التي تطمئن لها كثيرا..
كالعادة ، أخذا مكانهما بجوار سرير المريض ، يرقبان ملامحه بحزن وحسرة ، ويرثيانه بعبرات مسترسلة ، وآهات مجلجلة في أرجاء القاعة .
ويتجاذبان أطراف الحديث ، لمقاومة غلبة النوم ، ومواكبة حركة عقارب الساعة المتباطئة .
صمتت الأم هنيهة ، ثم التفتت إلى أختها :
- إني مؤتمنة على وصية من زوجي الله يرحمه. ولا أدري كيفية تنفيذها .
- تقصدين وصية أب ولديك صهيب وفاطمة ؟
- في الحقيقة إن صهيبا ليس ابنه .
صعقت الأخت من مفاجأة الخبر.
واسترجعت بذاكرتها أنها لم تسمع باقتران أختها برجل غير زوجها المرحوم؟. فقالت شعرت الأم بتوقعات أختها ، :
- صهيب ليس ابني أنا كذلك
إنه متبنى .
متبنى من المستشفى المركزي .
إحدى المساعدات الاجتماعية هناك طلبت مني تبنيه يوم وضعت ابنتي فاطمة ، لأن أمه طرحته بإحدى القاعات وتخلت عنه بعد ولادته بيومين ، وبقي بيننا إلى اليوم .
وقد ساءني كثيرا سوء سلوكه ، وخاصة بعد وفاة زوجي .
أفرغت أختها نفسا عميقا ،:
- وما هي وصية زوجك ؟
- التفتت يمنة ويسرة لتتأكد من خلو المكان ، وقالت :
- منذ أربع سنوات ، بعد الانتهاء من توديع الأهل والاصدقاء المشاركين في حفل تخرج صهيب من الجامعة ، أسر لي زوجي بأنه أدى واجبه كاملا تجاه صهيب ، إلا أنه لم يتبناه كما كنت أظن ، وأبدى رغبة ملحة في مصارحة الولدين صهيب وفاطمة . ولم يتمكن ، فتركها وصية مكتوبة ، أمانة في ذمتي .
و كم ألححت عليه ليجد مخرجا يجبر به خاطر الولد ، ويواسيه ، ولكنه أبى..
ثم نظرت إلى أختها نظرة استعطاف ،:
- أرجو ألا تخبري أحدا بهذا السر .
- اتركيني أتصرف بالشكل اللائق وحسب ظروف الفتى الطريح .
عند زيارة الصباح الموالي استبشر الطبيب المعالج خيرا لما لاحظ على المريض مخايل الاسترجاع التدريجي لوعيه . فأعد العدة لإجراء العملية التي استغرقت عدة ساعات وكللت بالنجاح .
وقبل انتهاء مدة النقاهة ، وفي غفلة من الزائرين والعاملين بالمستشفى ، لملم المريض أغراضه .
وودع الجميع همسا .
وانصرف مستعينا بأحد خلانه .
وخلف وراءه فوق السرير رسالة دون فيها عبارة يتيمة بخط عريض :
" المريض غادر ولن يعود " محمد الطيب | |
|
شذا الجنة
عدد المساهمات : 81 تاريخ التسجيل : 06/05/2013
| موضوع: رد: الوصية ـ قصة واقعية الإثنين أبريل 07, 2014 5:08 pm | |
| | |
|